الجمعة، 22 نوفمبر 2013

ملخصات السداسي 1 تحليل الخطاب (2 ل)

0- القطيعة السوسيرية:  
            أحدثت (دروس) عالم اللسان الشهير (فرديناند دي سوسير ت 1913م) نقلة نوعية بإضفائها لتصوّرات جديدة في دراسة اللغة، وبناءها لنموذج معرفي قائم على مجموعة من الأفكار والمبادئ الّتي أخذت فيما بعد شكل «الثّنائيات». ولئن أردنا أن نوجز منبع كلّ هذا بخطاطة واحدة - ولا يخلو هذا الزّعم من اختزال - لقلنا أنّ (الدّائرة الكلامية) هي أمّ الباب، وأنّها المدخل الرّئيس لمن أراد النّفوذ إلى «مسلّمات» المنهج البنوي، وأنّها «نواة» انشطرت منها أغلب المدارس المهتمّة بالدّرس اللغوي فيما بعد.
1- بعض المفاهيم الأساسية:
1/1 الخطاب :
        عرف هذا المصطلح اضطرابا واسعا نظرا لارتباطه بتصوّرات مختلفة للغة، انعكست على تحديده. إذ هناك من يربطه بالنّص، وهناك من يربطه بالملفوظ وهناك من يميزه عن اللّغة الّتي تشكل نظاما لمجموعة من الأدلّة ذات القيم المفترضة، وهو بذلك تحقيقٌ للغة واستعمال لها ضمن سياق محدد، وإذن فهو مقابلٌ للكلام "بالمفهوم السّوسيري". وفي هذا يقول ج. ديبوا J.Dubois في تعريفه للخطاب: «هو اللّغة أثناء استعمالها، إنّها اللّسانُ المسند إلى الذات المتكلمة» (قاموس اللسانيات).
1/2 تحليل الخطاب:
         يعرّف جورج مونان تحليل الخطاب بأنّه: «كلّ تقنية تسعى إلى التّأسيس العام والشكلي للرّوابط الموجودة بين الوحدات اللّغوية للخطاب المنطوق أو المكتوب، في مستوى أعلى من مستوى الجملة» (قاموس اللسانيات). هذا الإقرار بوجود مستوى – من النّاحية الإجرائية – أعلى من مستوى الجملة، هو الّذي فتح المجال لتعريفات أخرى أخذت بعين الاعتبار العناصر الخارجية غير اللّغوية، وهو الأمر الّذي أحدث تذبذبا في المفهوم، كما أشرنا إلى ذلك سابقا، إلاّ أنه تمكن من أن يدرك الأبعاد الحقيقية للإنتاج الكلامي الّذي لا يخضع في الكثير من الأحايين إلى عراقيل النّظام اللّغوي كما حدّده دوسوسير.
        وقد حدّد جان ديبوا هذا المفهوم  في معجمه، معتبرا إياه جزءا من اللّسانيات  يحدّد القواعد الّتي تقود إنتاج تتابع من الجمل المبنية.

     
2 - محاولات في تحليل الخطاب:
2/1  محاولة هاريس:
      عرف الدرس اللساني تحولات كبرى خلال فترة الستينات. وكان الدافع الكبير لهذه التحولات تساؤل عن حدود البحث اللساني وانحصاره في الجملة. وتمثل محاولة هاريس من خلال مقاله »تحليل الخطاب« أولى المحاولات الصريحة التي تكلمت عن وحدة أكبر من الجملة. وسماها دون تمييز تارة النص (Texte) وتارة الخطاب (Discours) وتارة القول المتتابع (énoncé suivi).
        وإذا كان هذا المقال يؤسس لمنهج تحليل الخطاب كما يصرح بذلك هاريس منذ البداية. فإن أهم ما فيه هو مقدمته التي عرض فيها مجموعة من الإشارات التي تؤسس لهذا التحليل الذي يروم الوصول إليه. وأول هذه الإشارات الكيفية التي بها يتم القيام بتحليل الخطاب. يقول هاريس في هذا السياق:  
         « يمكن أن نتناول تحليل الخطاب انطلاقا من نوعين من القضايا، يتعلّق الأوّل بتوسيع اللّسانيات الوصفية إلى ما هو أكبر من الجملة، ويتعلّق الثّاني بالعلاقة بين «الثّقافة» واللّغة (أي بين السّلوك غير اللغوي والسّلوك اللّغوي) ».
        من الواضح أن توسيع مجال اللسانيات الوصفية هو وفاء من هاريس لأستاذه بلومفيلد وهو وفاء يظهر في سياقات دفاعية كثيرة عن هذه اللسانيات الوصفية وقدرتها على تحليل ما هو أكبر من الجملة:
        « تتوقّف اللّسانيات الوصفية عموما عند حدود الجملة، و لا تعكس هذه المسألة موقفا قبليا، لأنَّ التّقنيات اللّسانية بُلوِرت لتسمح بدراسة أيّ قول مهما كان طوله » .
ويؤكد في سياق آخر:
         « إن تتابع الجمل في خطاب يشكل في المقابل مجالا محبذا لمناهج اللسانيات الوصفية لأن هذه الأخيرة لها كموضوع التوزيع النسبي للعناصر داخل قول تتابع جمله مهما كان طوله ».
         وإذا كانت اللسانيات الوصفية التي يتكلم عنها هاريس قد أثبتت قدرتها على تحليل بناء الجمل وسمحت ببلورة أنحاء ملائمة فإن عبارة مهما كان طوله تؤكد حرص هاريس على ضرورة توسيع مجال اللسانيات إلى ما هو أكبر من الجملة. والنقطة الثانية هي علاقة القول المتتابع بما هو غير لغوي أو بعبارة أخرى علاقة هذا القول بالخارج. ويبدو أن الذين اهتموا بهاريس باعتباره مؤسسا لتحليل الخطاب وقفوا عند حدود الإشارة الأولى المتعلقة بتحليل القول المتتابع في حد ذاته دون ربطه بالخارج. ويؤكد هاريس بوضوح أن التحليل الذي تقوم به هذه اللسانيات الوصفية بإمكانه أن يمدنا بمعلومات عن بعض التعالقات بين اللغة والخارج يقول:
       « يمكن أن يمدنا التحليل التوزيعي داخل نفس الخطاب، منظور إليه فرديا، بمعلومات عن بعض التعالقات بين اللغة وأشكال أخرى من السلوكات ومرد ذلك إلى أن كل خطاب متتابع منتج في مقام معين ».
       وإذا كانت الإشارات السابقة تبين لنا تصور هاريس لقدرة اللسانيات الوصفية أن تدرس القول من حيث هو قول مهما كان طوله وتدرس علاقته بالخارج. فما مفهوم هذا القول عند هاريس؟
       حينما نتتبع هاريس في سياقاته المختلفة نستطيع أن نستخلص منها مجموعة من المعطيات التي بضمها إلى بعضها تعطينا تصورا نعتقد أنه الأقرب إلى تصور هذا الباحث. ويستحسن بنا هنا أن نعرض بعضا من هذه السياقات:
-  تحليل القول المتتابع الذي نسميه خطابا.....
-  نستطيع أن نحصل من النص المدروس على\ .....
-  تواتر العناصر في النص ...
-  نحدد التعالقات الخاصة لمورفيمات النص  ...وبذلك نكتشف شيئا من بنيته (أي النص).
-  يمكن أن نتناول تحليل الخطاب...
-  التحليل التوزيعي داخل خطاب منظور إليه ككل...
-  لا نأخذ بعين الاعتبار إلا جمل الخطاب الواحد المتتابع...
-  لا تمثل مجموعات الجمل الاعتباطية أية قيمة....
-  تتابع الجمل في خطاب متتابع تمثل مجالا محبذا...
       فأوّل هذه المعطيات وجود ترادف بين الخطاب والنص والقول المتتابع. فهاريس يستعمل هذه المصطلحات للدلالة على شيء واحد .وثاني هذه المعطيات أن هذه الوحدة التي هي أكبر من الجملة لها بنية وتمثل كلاّ وتتميز بخاصية التتابع. وتسمح لنا هذه المعطيات بتمثل النص عند هاريس كالآتي:


النص

                                        كلّ                 بنية              تتابع
          والحقيقة أن مسألة التتابع تعتبر من أهم المسائل عند هاريس ذلك أنها تؤسس لما يعرف في تاريخ التحليل اللساني بالتحليل التوزيعي.(analyse   distributionnelle)، والتوزيع عنده توزيعان توزيع للوحدات داخل الجملة وميزته إمكانية تغيير الترتيب فيه. وخير ما يجسد هذه الإمكانية الانتقال من البناء للمعلوم إلى البناء للمجهول .وتوزيع الجمل داخل النص، وهو توزيع يتميز بخاصية الثبات ومن ثم فإن أي تغيير في ترتيب الجمل التي نجدها في نص ما يعني ببساطة أنه أصبح نصا آخر.
         ولئن كان تتبع هاريس في تحليله يأخذنا بعيدا في التفاصيل لتحديد أقسام التكافؤ والتواترات المختلفة التي نجدها في النص فإن الذي يهمنا هنا هو هذه الإشارة إلى النص على أنه كلّ.
.............................................
         إن اعتبار النص كلاّ فتح في المراحل اللاحقة الباب واسعا للكلام عن شروط قيام النص. واتّسع مجال البحث اللّساني ليشمل أبعادا عدة، لم تكن تؤخذ بعين الاعتبار في البحث اللّساني البنوي. فقد صارت شروط إنتاج الملفوظ عناصر جديرة بالدراسة. وصارت الأنماط التعبيرية المختلفة للغة، كونها حوارا أو محادثة أو نصا مُبَنْيَنا على شكل فقرات ومقاطع، مواضيع جديرة بالدراسة.وصار ينظر إلى اللّغة كونها أفعالا ذات أبعاد ووظائف اجتماعية ومؤسساتية. وتمت معرفة القوانين الخطابية الّتي تتحكم في كلّ ما يتلفظ به الإنسان من ملفوظ. ولم يعد الحديث، بناء على ذلك، عن مستوى واحد للغة، وهو المستوى الشكلي والمصرح به، بل هناك المستوى الإضماري الّذي تتم معرفته بتوسط بعض عناصر اللّغة ممزوجة بعنصر من السياق المتعدد الأبعاد.
        وظهر مصطلح «لسانيات الخطاب»، الّذي يشير إلى أسلوب آخر في إدراك اللّغة، ولعبت التّداولية، باختلاف فروعها، دورا أساسا في تغيير النّظرة إليها. وتدعّم هذا التوجّه بمجموعة من الأفكار أهمها:
         أنّ الخطاب هو نظامٌ مجاوز للجملة، معنى ذلك أنّه ليس تتابعا لمجموعة من الكلمات، بل هناك بنى يخضع لها، تتجاوز بنى الجملة.
          وأنّه نمط من الأفعال: إذ هناك من يرى أن اللّغة هي أقوال تتحول إلى أفعال مختلفة باختلاف السّياقات الّتي ترد فيها. وقد تدعم هذا التوجّه بنظرية الأفعال الكلامية الّتي طوّرها أوستين وسيرل.
          وأنّه تفاعلٌ يتجلى في المحادثات الّتي يسعى فيها أصحابها إلى التّنسيق بين مختلف ملفوظاتهم أثناء تحاورهم. ويشمل هذا النّمط الخطابي كلّ ما يصدر عن المتكلم من خطاب، أحضر المستمع فيه أو لم يحضر، كالمحاضرات، والخطابات والسّياسة …
         وأنّه لا يكون خطابا إلاّ إذا تبنّته هيأة تشكل محور المعالم الزّمانية، والمكانية والشخصية، وتشير إلى موقفها تجاه ما تقوله، أو أن تسند مسؤولية هذا الأخير إلى الغير. ومن بين ما يتضمنه هذا التوجّه، الدّراسات الّتي أجريت على العناصر الذاتية الكامنة في اللّغة.
        كما أنّه يخضع لمجموعة من المعايير الاجتماعية والأخلاقية، تتكفل قوانين الخطاب بتبيانها، فالأفعال الكلامية كالأمر والوعد والنهي… لا يمكن لها أن تصدر دون الخضوع لمعايير حدّدتها الأخلاق والقيم الاجتماعية والثقافية والدينية.
       وأخيرا، أنّه لا يؤول إلاّ بإدراجه في خطابات أخرى، فلكل نوع خطابي أسلوبه في التّكفل بتسيير مختلف العلاقات التّخاطبية. ذلك أنّ تأويل أي خطاب من أي نوع كان، يقتضي ربطه أو مقابلته بخطابات لأنواع خطابية أخرى.
............................................
2/2  نص المقال (ملحق):
تحليل الخطاب، زيليغ هاريس، جامعة بنسلفانيا.

        يقدّم هذا المقال طريقة تحليل للقول المتتابع (المكتوب أو المنطوق) والَّذي أسميه الخطاب.إنّها طريقة شكلية تتأسّس على توارد المورفيمات باعتبارها عناصر يمكن عزلها؛ وهي لا تتعلّق بمعرفة اللّساني الَّذي يحلِّل لمعنى ما لأيّ مورفيم من المورفيمات الَّتي تصادفه أثناء التّحليل، ولا تقدّم لنا شيئا جديدا عن المعنى الخاص لكل مورفيم من المورفيمات الموجودة في الخطاب.ولكنّ هذا لا يعني أبدا أنّنا لا يمكن أن نكتشف شيئا آخر عن الكيفية الَّتي يتجسّد بها النّحو في الخطاب. ولإن كنّا نستند إلى إجراءات شكلية قريبة من تلك الّتي تستند عليها اللّسانيات الوصفية، فإنّنا نستطيع أن نحصل من النّص المدروس معلومات لا يمكن أن توصلنا إليها هذه اللّسانيات الوصفية.
        وتتأتّى هذه المعلومة الجديدة من عامل أساس هو: أنَّ تحليل تواتر العناصر للنّص لا تتم إلاّ من هذا النَّص نفسه وفيه؛ وهكذا نستطيع أن نحدّد العلاقات الخاصّة للمورفيمات كما تظهر فيه، وبذلك نكتشف شيئا من بنيته، ويمكن ألاّ نعرف تماما ماذا يقول النَّص، ولكنَّنا نستطيع أن نحدّد كيف يقول، أي ما هي نماذج التَّواترات لأهمّ المورفيمات المشكِّلة لهذا النَّص.
        نستطيع أن نحدّد نماذج معيّنة لنصوص معيّنة (أو معطاة) أو نماذج لأفراد. وفي بعض الحالات نستطيع أن نستخلص نتائج شكلية للنَّموذج الخاص لتوزيع المورفيمات في نصّ معيّن، ويكون من الممكن إبراز فروقات منتظمة في البنية بين الخطابات الَّتي ينتجها أفراد مختلفون.
تمهيد
1/ الإشكالية:
          يمكن أن نتناول تحليل الخطاب انطلاقا من نوعين من القضايا، يتعلّق الأوّل بتوسيع اللّسانيات الوصفية إلى ما هو أكبر من الجملة، ويتعلّق الثّاني بالعلاقة بين «الثّقافة» واللّغة (أي بين السّلوك غير اللغوي والسّلوك اللّغوي).
         وتُطْرَحُ القضية الأولى بكون اللّسانيات الوصفية تتوقّف عموما عند حدود الجملة، و لا تعكس هذه المسألة موقفا قبليا، لأنَّ التّقنيات اللّسانية بُلوِرت لتسمح بدراسة أيّ قول مهما كان طوله، ولكن يبدو أنَّ النّتائج المتحصَّل عليها في مختلف اللّغات حصرت في قول لا يتجاوز حدود الجملة.[هنا مقطع (13 سطر) غير مترجم].
      وهكذا، فإنَّ اللّسانيات الوصفية الَّتي تنطلق من وصف تواترات العناصر في أي قول مهما كان طوله، لا تصف في النّهاية هذه العناصر إلاّ في علاقتها مع غيرها من العناصر داخل الجملة نفسها [وهنا مقطع (4 أسطر) غير مترجم].
       أمّا القضية الثّانية فقد اعتُبِرت دائما قضيّة خارج علم اللغة. لأنّ اللّسانيات الوصفية لا تهتم بمعاني المورفيمات، وليست مسلّحة لتأخذ بعين الاعتبار المعطى الخارجي (الوضع الاجتماعي): فهي، يمكن أن تعدّد فقط تواتر عنصر لساني بالنّظر إلى غيره من العناصر اللّسانية،والدّراسات الّتي تمّت حول العلاقة بين «الثّقافة» واللغة، وإذن لم تستفد من التّحاليل التّوزيعية، وهي تقوم بجرد الدّلالات المعبَّر عنها في اللّغة بدراسة المخزون المعجمي، أو تستخلص نتائج فيما يتعلَّق بتعبير مورفيم واحد على معان متعدّدة في لغة ما. وأشارت هذه الدّراسات أيضا إلى ضرورة النّظر إلى المعنى العام للمركّبات، وليس إلى معاني المورفيمات المكوّنة لهذه المركّبات، ففي الإنجليزية مثلا حينما نقول Haw are you ? فإنّما أستعمل صيغة للمجاملة، وليس للسّؤال عن صحّة المستمع. وهذا المثال يعكس بوضوح العلاقة بين الخطاب والمقام الاجتماعي.
2/3 الشّكلانيون الرّوس:
           يتمحور عمل الشكلانيين الروس حول عرض أعمالهم (محاولة تطبيق) على ما توصلت إليه اللسانيات في ذلك الوقت والتخلص من القيود النقدية الأدبية التي كانت سائدة آنذاك، وكانت تعاليم دي سوسير خير سند لهم. فقد أصبحت اللسانيات لدى هذا الأخير تعرف اللغة على أنها نظام من التأليف المستقل، وهذا تناغم مع منطلقات الشكلانيين من حيث سعيهم لتناول النص باعتباره شكلا مستقلا، ولا تتعلق المسألة عندهم بالمضمون ولكن بكيفية العرض (mode de présentation) ، وعلى هذا الأساس عرفوا الشكل بأنه نظام من التعالقات الداخلية (système de corrélations internes) ، ويستند التحليل الشكلاني الروسي على المبادئ الآتية:
الملازمة /المحايثة  (immanence): ينظر الشكلانيون إلى النص انطلاقا من السؤال كيف؟ أي البحث عن القوانين والعلاقات التي تحكمه من الداخل، فالنظرة إذن تنحصر في النص باعتباره كلا متكونا من عناصر.
وصف عناصر النص على مستوى ما يربطها من علاقات، و تتجاوز المسألة حدود الجرد إلى البحث عن علاقات بين العناصر المستخرجة و يتم ذلك بـ:
                     -  تقسيم النص وتحديد العناصر المكونة له.
                     -  إيجاد علاقات بين العناصر المستخرجة.
(انظر الخطاطة في الملحق: 2/3/2)
2/3/1 بروب (V.Propp) و مسألة الوظائف:
           لقد كان توجه بروب نحو دراسة الحكايات الشعبية هو الدافع له إلى الكلام عن الوظائف، فقد لاحظ بصفة لافتة للنظر الخاصية المزدوجة للحكاية الخرافية، فهي من جانب متنوعة تنوعا كثيرا ومن جهة أخرى تتسم بالرتابة، وهذا الثابت في المتحول هو الذي دفعه إلى مقارنة هذه الحكايات ليصل من خلال تنوعها الظاهر والكبير إلى ما تتقاطع فيه أو لنقل إلى ما يوحدها.
         وتمثل الأفعال التي تقوم بها الشخصيات الأجزاء الرئيسية في الحكاية، وهي التي يسميها بروب الوظائف، ولذلك فإن الاهتمام بها يجب أن يكون من زاويتين، زاوية تحديدها وفصلها عن الشخصيات بحيث يصبح الاهتمام منصبّا عليها وعوض أن نقول مثلا خرج (= إدراج الفاعل)، نقول الخروج (= عزل الفاعل)، وزاوية النظر إلى موقعها في مسار الحكاية، فتحديد دلالة فعل ما يتم بالنظر إلى مسار الحبكة (déroulement de l’intrigue).
        إن هذه الوظائف التي يتم تحديدها لا يكون لها معنى إلاّ إذا كانت موجودة أيضا في حكايات أخرى، وهذا ما يعكس توجه بروب إلى السعي لتأسيس نحو الحكايات (une grammaire des contes)، وهكذا تمكن من تحديد 31 وظيفة، وهذه الوظائف تمثل كل ما يمكن أن نجده في الحكايات المختلفة، و لكن لابد من الإشارة إلى » أن جميع الحكايات لا تحتوي على كل الوظائف، ولكن هذا لا يغير شيئا من خاصية تتابعها، فغياب بعض الوظائف لا يغير من موقع الوظائف الأخرى في الترتيب فحين نحدد الوظائف نستطيع أن نجمع الحكايات التي تحتوي على نفس الوظائف و يمكن اعتبارها حكايات من نفس النوع« .
       وهكذا يمكن أن نتمثل طريقة بروب للوصول إلى نحو الحكاية بالشكل التالي:
ح1  ∩ ح2  ∩ ح3  ∩ ........ حن    31} وظيفة  {
/ ح   =  31 وظيفة = حكاية مثالية (لا توجد).
ح1  ∩ ح2  ∩ ح3  = { ن وظيفة } = حكايات من نفس النوع.
/ ح1  ∩ ح2  ∩ ح3  ∩ ........ حن = ترتيب ثابت في الوظائف بغض النظر عن
عددها من حكاية إلى أخرى و هذا ما يعكس مفهوم نحو الحكاية.



الخاصية الأولى : تختلف الوظائف من حكاية إلى أخرى داخل العدد الإجمالي.
الخاصية الثانية : رغم اختلاف الوظائف كمّا فإنها تثبت على مستوى الترتيب،
فبنيتها الخطية ثابتة.


و بهذا اقترح بروب مصفوفة(matrice)  يمكن استعمالها لتقسيم و تحليل الحكايات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق