الخميس، 30 يناير 2014

مدخل إلى تحليل الخطاب الأدبي (تابع ...)

العلاقات بين المفاهيم الثّلاثة:
        إنّ تحليل الخطاب السّردي –كما أفهمه- يستتبع باستمرار –كما سنرى- دراسة العلاقتين: بين هذا الخطاب والأحداث الّتي يرويها (الحكاية بالمعنى الثّاني) من جهة، وبين هذا الخطاب نفسه والفعل الّذي ينتجه حقيقة أو تخييلا (الحكاية بالمعنى الثّالث)، من جهة أخرى. ومن ثمَّ علينا، منذ الآن، حتّى نتحاشى كلّ خلط وكلّ اضطراب في اللّغة، أن ندلّ بألفاظ أحادية المعنى على كلّ مظهر من المظاهر الثّلاثة للواقع السّردي.

      وأقترح، دونما إلحاح على الأسباب البديهية للاختيار، أن أُطلق:
1/ اسمَ القصّة على «المدلول» أو المضمون السّردي (حتّى وإن تكشّف هذا المضمون، والحالة هذه، عن ضعف في الكثافة الدّرامية؛ أو في الفحوى الحدثي).
2/ واسمَ الحكاية بمعناها الحصري على (الدّال) أو المنطوق أو الخطاب أو النّص السّردي نفسه.
3/ واسمَ السّرد على الفعل السّردي، المُنتِج، وبالتوسّع: على مجموع الوضع الحقيقي أو التّخييلي الّذي يحدث فيه ذلك الفعل.
موضوع التّحليل:
         ومن ثَمَّ فموضوعنا هنا هو الحكاية، بالمعنى الضّيق الّذي نخصّصه من الآن فصاعدا لذلك المصطلح. ومن البدهي كثيرا، فيما أظن، أن يكون مستوى الخطاب السّردي هو الوحيد، من بين المستويات الثّلاثة الّتي ميّزنا بينها الآن، الّذي يعرض نفسه مباشرة للتّحليل النّصي، الّذي هو نفسه أداة الدّراسة الوحيدة الّتي كنّا نملكها في حقل الحكاية الأدبية، وخصوصا الحكاية الخرافية.
        وبما أنّ القصّة والسّرد لا يوجدان، في نظرنا، إلاّ بوساطة الحكاية، والحكاية (أي: الخطاب السّردي) لا يمكن أن تكون كذلك إلاّ لأنّها تروي قصّة، وإلاّ لما كانت سردية، ولأنّها ينطق بها شخصٌ ما، وإلاّ لما كانت في حدّ ذاتها خطابا. إنّها تعيش بوصفها سردية من علاقتها بالقصّة الّتي ترويها، وتعيش بصفتها خطابا من علاقتها بالسّرد الّذي ينطق بها.
      ولذا سيكون تحليل الخطاب السّردي، في نظرنا، هو –أساسا- دراسة العلاقات بين الحكاية والقصّة، وبين الحكاية والسّرد، وبين القصّة والسّرد (بصفتهما يندرجان في خطاب الحكاية). وهذا ما يؤدّي بنا إلى اقتراح تصنيف جديد لحقل الدّراسة:
تصنيف تزفيتان تودوروف سنة 1966:
       صنّف تودوروف مسائل الحكاية  إلى ثلاث مقولات هي:  
1/ مقولة الزّمن: يُعبَّر فيها عن العلاقة بين زمن القصة وزمن الخطاب.
2/  مقولة الجهة: هي الكيفية الّتي يدرك بها السّارد القصّة.
3/ مقولة الصّيغة: هي نمط الخطاب الّذي يستعمله السّارد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق