عادة ما يستخدم مفهوم « الحكاية » (récit) دون اهتمام بالتباسه، وأحيانا دون تبيّن هذا
الالتباس، وربّما ترجع بعض صعوبة (السّرديات) إلى هذا الخلط. وإذا أردنا أن نكون
على بصيرة من أمرنا في هذا المجال، فعلينا –فيما يظهر- أن نميّز تحت هذا المصطلح
بين ثلاثة مفاهيم متباينة تمييزا واضحا.
فالمعنى
الأوّل: -وهو الأكثر بداهة ومركزية في الاستعمال الشّائع- تدلّ الحكاية على
المنطوق السّردي، أي: الخطاب المنطوق أو المكتوب الّذي يتكفّل برواية حدث أو
سلسلة من الأحداث.
والمعنى الثّاني: -
وهو أقلّ انتشارا، وإن كان مستعملا بين محللّي المضمون السّردي ومنظّريه
المعاصرين- تدلّ الحكاية على سلسلة الأحداث، الحقيقية أو المتخيّلة، الّتي
تشكّل موضوع الخطاب في المعنى الأوّل.
وأمّا المعنى الثّالث: - وهو
الأكثر قدما في الظّاهر- تدلّ الحكاية على حدث أيضا، غير أنّه ليس البتّة الحدث
الّذي يُروى، بل هو الحدث الّذي يقوم على أنّ شخصا ما يروي شيئا ما: إنّه فعل
السّرد مُتناوَلا في حدّ ذاته.
... (يتبع ... في التّدوينة القادمة سنقدّم مثالا توضيحيا للأنواع
الثّلاثة، وسنبيّن مجموعة من القضايا الّتي تترتّب عن ذلك).
تحياتي وسلامي ..